النَّفحةُ القُدسيَّة (*)
جاشت رُبى صَدريَ الظّامي نفحتي |
قُدسيّةً أخْمدَتْ نارَ الوحشَةِ |
فاسْـتَـنْشَقَتْ منْ هُداها نفسي رحيـ |
ـقاً أحمديّاً مليئاً بالنَّشْوةِ |
عادتْ لتَصْبوا إلى تلك القبّةِ الـ |
ـخضراءِ في يثربَ العُظمى طَيْبَةِ |
تسمو بها الرّوح منْ سهوٍ في الكرى (1) |
تُشْفي غَليلَ النُّفوسِ المعْلولَةِ |
يا ليتني كنتُ في أبهى روضةٍ |
طَيْراً أحومُ الحِمى فيها لَيْلتي |
قُمْ يا فؤادي إلى الباري وابتهِلْ |
كيْ تُسْتَجَبْ دَعْوةٌ عنْدَ الغُدْوةِ |
جاءَ النِّدا سِرْ إلى أرضِ الوحي كيْ |
تَروي ظماً كان يجري في المُهْجَةِ |
قدْ قادني بعدها روحٌ بالوِلا |
مَجْبولةً أوْصَلَتْني للروضةِ |
فانْتابني ارتياحٌ في رَهْبَةٍ |
إذ ذكَّرتْني نواميسَ البِعْثَةِ |
تلك التي حَيَّرَتْ أصحابَ النُّهى |
واسْتَزْلَفَتْها عُروشٌ بالذِلَّةِ |
دعْني فإنّي لفي شُغُلٍ عن سِوى الـ |
ـهَادِي البَشيرِ المُنادِي بالرَّحْمَةِ |
قَبَّلْتُ ذي الأرضَ شُكراً من حظوتي |
في جيرةِ المُصطفى خيْرِ الأُمّةِ |
ماذا دَهاني وإنّي في فرْحَتي |
لمْ أمتلِكْ قيدَ نفْسي في غُربتي |
في وقفتي من على رمسٍ طاهرٍ |
من للبضعة، حينها سالت دَمْعتي |
إذْ ساقني ذِكْرُها نحوَ النَّكْبَةِ الـ (2) |
أدمى جَرَتْ عنْدَ فقْدِ المنصورةِ |
قد أصبحَ الجَوْرُ للآلِ الطُّهْرِ ما |
بينَ العِدا دَيْدَناً عنْدَ الخِسَّةِ (3) |
سِبْطُ النَّبيِ مَضى بالسُّمِّ الذي |
لمْ يجْرِ حتَّى جرى ما في المُقلةِ |
زَيْنُ العِبادِ الذي منْ أسْرٍ نَجا |
قدْ زُقَّ منْ كأسِ سُمٍّ كالصِلَّةِ |
والباقرُ العَيْلَمُ الزّاكي قدْ تَلا (4) |
فيما جَرى في أُباةٍ منْ وَقْعَةِ |
والصادقُ العبقريُّ المُغتال في |
أرض تعالتْ على كلِّ الرِّفْعَةِ |
ها أصبحَ الغدْرُ جزءاً منْ سيرةٍ |
فيها ابتعادٌ عنْ القُربى البضْعَةِ |
حَمْداً لربّي لتوفيقٍ نالني |
في زَوْرة لِلْمَوَالي وَالعِتْرَةِ (5) |
-------------------------------------------------------
(*) قالها حينما توجه إلى المدينة المنورة في 20/رمضان/1424هـ لزيارة الرسول(ص) وأئمة البقيع (عليهم السلام)، والقصيدة من مجزوء المجتث: «مستفعلن فاعلاتن مستفعلن × 2».
(2) الكرى: النوم.
(3) النكبة: المصيبة.
(4) الديدن: العادةُ والحالُ. الخسَّة: النذالةُ وشرُّ الناس.
(5)العيلم: على وزن (فيعل) الغزير العلم والمعارف.
(6)العترة: من آلِ النبوّة الطاهرين.